اختلافٌ لا يُرى

 

ثمة أرواح لا تتقاطع معك مهما طال الحديث، ولا تقترب منك وإن جمعتكم الأيام مرارًا وتكرارًا ، فلا تشابه في الفكر، ولا توافق في الشعور، ولا انسجام في الكلام.

تشعر وأنت بينهم كأنك تمثّل دورًا لا يليق بك، تحاول أن تتظاهر بأنك تنتمي، لكنك في داخلك تعلم أن شيئًا لا يستقر، كأن بينك وبينهم جدارًا شفافًا، يراك ويبتسم لك، لكن لا يسمع نبضك ولا يشعر بثقل صمتك.

‏تحكي، فتضيع نبرة الصدق في زحام المجاملات، تضحك، لكن شيئًا في داخلك يبقى ساكنًا، كأن الضحكة لم تجد طريقها إلى قلبك، وتعود إلى نفسك دائمًا، مُنهكًا من محاولات التلاؤم، مرهقًا من تكرار ما لا يشبهك، تتساءل بصمت: لماذا لا أجدني هنا؟


‏وتدرك بعد حين، أن الأرواح لا تُفرض، وأن الألفة لا تُصنع، وأن الراحة لا تأتي من كثرة اللقاء، بل من صدق الشعور ، وحين تبتعد لا تفتقدهم، بل تفتقد نفسك التي كنت تحاول أن تُخفيها بينهم.

تدرك أن الراحة لم تكن في وجودهم، بل في قدرتك على أن تكون على سجيتك، بلا تكلّف، بلا محاولات مرهقة للانتماء.

ليس ذلك عيبًا فيك ولا فيهم، بل هو جوهر الاختلاف،

فالقرب الحقيقي لا يُفرض، والارتياح لا يُصطنع، والقلوب لا تُجبر على التآلف.

‏احترم الاختلاف، وابتعد بصمت عمّن لا يضيفون إلى روحك سلامًا،فليس كل ابتعاد خسارة، بل أحيانًا هو النجاة من أن تصبح شيئًا غريبًا عن نفسك.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أول البوح

بوصلة التفضيلات