نلتقي بلا لقاء
قد يعبر شعور في بالك، يوازيه في ذات اللحظة شعور مشابه لشخص لم تلتقِ به، في مدينة لم تطأها، في جهة أخرى من العالم وعلى بعد آلاف الأميال. ربما يستيقظ شخصٌ ما في منتصف الليل مثقل الصدر، لا يعرف ما الذي يُتعبه، ويجلس على سريره طويلًا يتأمل الظلام، كما تفعل أنت تمامًا، وربما تمشي امرأة في شارع بارد، تطالع وجوه المارة بصمت، باحثة عن شيء لا اسم له، تشبهك في لحظة صمتك وأنت تحدق من نافذة سيارتك دون سبب واضح. إننا نعيش مشاعر تتكرر في حياة الآخرين بطرق مختلفة، لكننا لا نعلم، لأن القصص تُعاش غالبًا في الخفاء، في زوايا الأماكن البعيدة، في رسائل لا تُرسَل، في حوارات داخلية لا يسمعها أحد. نظن أننا وحدنا في الحزن، في التيه، أو في الانتظار، بينما الحقيقة أننا نُشبه بعضنا أكثر مما نعتقد، تتقاطع أرواحنا دون أن تلتقي، وتتشابه حكاياتنا دون أن نرويها، نحن بشر، نحمل في داخلنا نفس الأسئلة، ونختبر ذات الشوق، ونخاف من نفس الفقد. ربما لا نحتاج دائمًا إلى أن نجد من يُشبهنا بشكل مباشر، بقدر ما نحتاج إلى أن نؤمن أن هناك من يعيش شعورنا في مكانٍ ما، وأن الحكاية التي تؤلمنا الآن، قد كُتبت قبلنا، وستُعاد بعدنا. ربما نم...